فصل: تفسير الآيات (38- 39):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.تفسير الآية رقم (24):

{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)}
{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} قرأ أبو جعفر ونافع وحمزة والكسائي وحفص: {مِنْ تَحْتِهَا} بكسر الميم والتاء، يعني جبريل عليه السلام، وكانت مريم على أكمة وجبريل وراء الأكمة تحتها فناداها.
وقرأ الآخرون بفتح الميم والتاء، وأراد جبريل عليه السلام أيضا، ناداها من سفح الجبل.
وقيل: هو عيسى لما خرج من بطن أمه ناداها: {أَلا تَحْزَنِي} وهو قول مجاهد والحسن.
والأول قول ابن عباس رضي الله عنهما والسدي وقتادة والضحاك وجماعة: أن المنادي كان جبريل لما سمع كلامها وعرف جزعها ناداها ألا تحزني.
{قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} والسري: النهر الصغير.
وقيل: تحتك أي جعله الله تحت أمرك إن أمرتيه أن يجري جرى، وإن أمرتيه بالإمساك أمسك.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ضرب جبريل عليه السلام- ويقال: ضرب عيسى عليه الصلاة والسلام- برجله الأرض فظهرت عين ماء عذب وجرى.
وقيل: كان هناك نهر يابس أجرى الله سبحانه وتعالى فيه الماء وحييت النخلة اليابسة، فأورقت وأثمرت وأرطبت.
وقال الحسن: {تحتك سريا} يعني: عيسى وكان والله عبدا سريا، يعني: رفيعا.

.تفسير الآيات (25- 26):

{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)}
{وَهُزِّي إِلَيْكِ} يعني قيل لمريم: حركي {بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} تقول العرب: هزه وهز به، كما يقول: حز رأسه وحز برأسه، وأمدد الحبل وأمدد به، {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ} القراءة المعروفة بفتح التاء والقاف وتشديد السين، أي: تتساقط، فأدغمت إحدى التاءين في السين أي: تسقط عليك النخلة رطبا، وخفف حمزة السين وحذف التاء التي أدغمها غيره.
وقرأ حفص بضم التاء وكسر القاف خفيف على وزن تفاعل. وتساقط بمعنى أسقط، والتأنيث لأجل النخلة.
وقرأ يعقوب: {يساقط} بالياء مشددة ردة إلى الجذع.
{رُطَبًا جَنِيًّا} مجنيا. وقيل: الجني هو الذي بلغ الغاية، وجاء أوان اجتنائه. قال الربيع بن خثيم: ما للنفساء عندي خير من الرطب، ولا للمريض خير من العسل. قوله سبحانه وتعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي} أي: فكلي يا مريم من الرطب، واشربي من ماء النهر {وَقَرِّي عَيْنًا} أي: طيبي نفسا. وقيل: قري عينك بولدك عيسى. يقال: أقر الله عينك أي: صادف فؤادك ما يرضيك، فتقر عينك من النظر إلى غيره. وقيل: أقر الله عينه: يعني أنامها، يقال: قر يقر إذا سكن.
وقيل: إن العين إذا بكت من السرور فالدمع بارد، وإذا بكت من الحزن فالدمع يكون حارا، فمن هذا قيل: أقر الله عينه وأسخن الله عينه.
{فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} أي: تري، فدخل عليه نون التأكيد فكسرت الياء لالتقاء الساكنين.
معناه: فإما ترين من البشر أحدا فيسألك عن ولدك {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أي: صمتا وكذلك كان يقرأ ابن مسعود رضي الله عنه.
والصوم في اللغة الإمساك عن الطعام والشراب والكلام.
قال السدي: كان في بني إسرائيل من أراد أن يجتهد صام عن الكلام، كما يصوم عن الطعام، فلا يتكلم حتى يمسي.
وقيل: إن الله تعالى أمرها أن تقول هذا إشارة.
وقيل أمرها أن تقول هذا القدر نطقا، ثم تمسك عن الكلام بعده.
{فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} يقال: كانت تكلم الملائكة، ولا تكلم الإنس.

.تفسير الآيات (27- 28):

{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)}
{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} قيل: إنها ولدته، ثم حملته في الحال إلى قومها.
وقال الكلبي: حمل يوسف النجار مريم وابنها عيسى عليهما السلام إلى غار، ومكثت أربعين يوما حتى طهرت من نفاسها ثم حملته مريم عليها السلام إلى قومها. فكلمها عيسى عليه السلام في الطريق فقال: يا أماه أبشري فإني عبد الله ومسيحه، فلما دخلت على أهلها ومعها الصبي بكوا وحزنوا، وكانوا أهل بيت صالحين {قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} عظيما منكرا، قال أبو عبيدة: كل أمر فائق من عجب أو عمل فهو فري.
قال النبي صلى الله عليه وسلم في عمر: «فلم أر عبقريا يفري فريه» أي: يعمل عمله. {يَا أُخْتَ هَارُونَ} يريد يا شبيهة هارون، قال قتادة وغيره: كان هارون رجلا صالحا عابدا في بني إسرائيل. روي أنه اتبع جنازته يوم مات أربعون ألفا كلهم يسمى هارون من بني إسرائيل سوى سائر الناس شبهوها به على معنى إنا ظننا أنك مثله في الصلاح. وليس المراد منه الأخوة في النسب، كما قال الله تعالى: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} [الإسراء:27] أي أشباههم.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد أخبرنا محمد بن عيسى أخبرنا إبراهيم بن محمد بن محمد بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة قال: لما قدمت نجران سألوني، فقالوا: إنكم تقرءون: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} وموسى قبل عيسى بكذا وكذا! فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال: «إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم».
وقال الكلبي: كان هارون أخا مريم من أبيها، وكان أمثل رجل في بني إسرائيل.
وقال السدي: إنما عنوا به هارون أخا موسى، لأنها كانت من نسله كما يقال للتميمي: يا أخا تميم.
وقيل: كان هارون رجلا فاسقا في بني إسرائيل عظيم الفسق فشبهوها به.
{مَا كَانَ أَبُوكِ} عمران {امْرَأَ سَوْءٍ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: زانيا، {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ} حنة {بَغِيًّا} أي زانية، فمن أين لك هذا الولد؟

.تفسير الآية رقم (29):

{فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)}
{فَأَشَارَتْ} مريم {إِلَيْهِ} أي إلى عيسى عليه السلام: أن كلِّموه.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: لما لم تكن لها حجة أشارت إليه ليكون كلامه حجة لها.
وفي القصة: لما أشارت إليه غضب القوم، وقالوا مع ما فعلت تسخرين بنا؟.
{قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} أي: من هو في المهد، وهو حجرها.
وقيل: هو المهد بعينه، وكان بمعنى: هو. وقال أبو عبيدة: كان صلة، أي: كيف نكلم صبيا في المهد. وقد يجيء كان حشوا في الكلام لا معنى له كقوله: {هل كنت إلا بشرا رسولا} [الإسراء:93] أي: هل أنا؟
قال السدي: فلما سمع عيسى كلامهم ترك الرضاع وأقبل عليهم.
وقيل: لما أشارت إليه ترك الثدي واتكأ على يساره، وأقبل عليهم وجعل يشير بيمينه:

.تفسير الآيات (30- 33):

{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)}
{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} وقال وهب: أتاها زكريا عند مناظرتها اليهود، فقال لعيسى: انطق بحجتك إن كنت أمرت بها، فقال عند ذلك عيسى عليه السلام وهو ابن أربعين يوما- وقال مقاتل: بل هو يوم ولد-: إني عبد الله أقر على نفسه بالعبودية لله عز وجل أول ما تكلم لئلا يتخذ إلها {آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} قيل: معناه سيؤتيني الكتاب ويجعلني نبيا.
وقيل: هذا إخبار عما كتب له في اللوح المحفوظ، كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: متى كنت نبيا؟ قال: «كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد».
وقال الأكثرون أوتي الإنجيل وهو صغير طفل، وكان يعقل عقل الرجال.
وعن الحسن: أنه قال: ألهم التوراة وهو في بطن أمه. {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} أي نفاعا حيث ما توجهت. وقال مجاهد: معلما للخير. وقال عطاء: أدعو إلى الله وإلى توحيده وعبادته. وقيل: مباركا على من تبعني.
{وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} أي: أمرني بهما.
فإن قيل: لم يكن لعيسى مال فكيف يؤمر بالزكاة؟
قيل: معناه بالزكاة لو كان لي مال وقيل: بالاستكثار من الخير.
{مَا دُمْتُ حَيًّا} {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} أي وجعلني برا بوالدتي، {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} أي عاصيا لربه. قيل: الشقي: الذي يذنب ولا يتوب. {وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ} أي: السلامة عند الولادة من طعن الشيطان. {وَيَوْمَ أَمُوتُ} أي عند الموت من الشرك، {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} من الأهوال. ولما كلمهم عيسى بهذا علموا براءة مريم، ثم سكت عيسى عليه السلام، فلم يتكلم بعد ذلك حتى بلغ المدة التي يتكلم فيها الصبيان.

.تفسير الآيات (34- 37):

{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37)}
{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} قال الزجاج: أي ذلك الذي قال إني عبد الله عيسى ابن مريم {قَوْلَ الْحَقِّ} قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب: {قَوْلَ الْحَقِّ} بنصب اللام وهو نصب على المصدر، أي: قال قول الحق، {الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} أي: يختلفون، فقائل يقول: هو ابن الله، وقائل يقول: هو الله، وقائل يقول: هو ساحر كذاب.
وقرأ الآخرون برفع اللام، يعني: هو قول الحق، أي هذا الكلام هو قول الحق، أضاف القول إلى الحق، كما قال: {حق اليقين}، و{وعد الصدق}.
وقيل: هو نعت لعيسى ابن مريم، يعني ذلك عيسى ابن مريم كلمة الله الحق هو الله {الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} ويشكون ويختلفون ويقولون غير الحق. ثم نفى عن نفسه الولد فقال: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} أي: ما كان من صفته اتخاذ الولد. وقيل: اللام منقولة أي ما كان الله ليتخذ من ولد، {سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا} إذا أراد أن يحدث أمرا {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو: {أَنَّ اللَّهَ} بفتح الألف، يرجع إلى قوله: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} وبأن الله ربي وربكم، وقرأ أهل الشام والكوفة ويعقوب بكسر الألف على الاستئناف {فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} {فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} يعني: النصارى سموا أحزابا لأنهم تحزبوا ثلاث فرق في أمر عيسى: النسطورية والملكانية واليعقوبية. {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} يعني يوم القيامة.

.تفسير الآيات (38- 39):

{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (38) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (39)}
{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} أي ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة حين لا ينفعهم السمع والبصر! أخبر أنهم يسمعون ويبصرون في الآخرة ما لم يسمعوا ولم يبصروا في الدنيا.
قال الكلبي: لا أحد يوم القيامة أسمع منهم ولا أبصر حين يقول الله تعالى لعيسى: {أأنت قلت للناس} الآية [مريم- 116]. {يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي: في خطأ بين. قوله عز وجل: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمْرُ} فرغ من الحساب وأدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، وذبح الموت.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عمرو بن حفص بن غياث أخبرنا أبي أنبأنا الأعمش، أخبرنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد: يا أهل الجنة فيشرفون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي يا أهل النار فيشرفون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت»، ثم قرأ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}.
ورواه أبو عيسى عن أحمد بن منيع، عن النضر بن إسماعيل عن الأعمش بهذا الإسناد، وزاد: «فلولا أن الله تعالى قضى لأهل الجنة الحياة والبقاء لماتوا فرحا ولولا أن الله تعالى قضى لأهل النار الحياة والبقاء لماتوا ترحا».
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا معاذ بن أسد أخبرنا عبد الله أخبرنا عمر بن محمد بن زيد عن أبيه أنه حدثه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار. ثم يذبح ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة لا موت، ويا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم».
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا أبو اليمان أخبرنا شعيب أخبرنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل أحد الجنة إلا رأى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا ولا يدخل النار أحد إلا أري مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة».
أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي أخبرنا الحسين بن الحسن أخبرنا ابن المبارك أخبرنا يحيى بن عبد الله قال: سمعت أبي قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يموت إلا ندم»، قالوا: فما ندمه يا رسول الله؟ قال: «إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع».
قوله عز وجل: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} أي: عما يفعل بهم في الآخرة {وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} لا يصدقون.